زراعة الكرز- انتهاء الموسم الحالي وملامح أزمة مستقبلة - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


زراعة الكرز- انتهاء الموسم الحالي وملامح أزمة مستقبلة
نبيه عويدات – 17\06\2008
ينتهي في هذه الأيام موسم الكرز للعام 2008 وسط تذمر كبير من قبل المزارعين الذين بشق الأنفس تمكنوا من تصريف إنتاجهم بعد بيعه بأسعار متدنية تكاد لا تسد التكاليف في بعض الأحيان.
وكما التفاح فإن زراعة الكرز بدأت تتعثر، بعد الزيادة الملحوظة في الكميات المطروحة في الأسواق، وبعد توسيع رقعة الأراضي المزروعة بالكرز في الجولان بصورة مبالغ فيها، ودون تخطيط، الأمر الذي يضع إشارة استفهام كبيرة جداً على مستقبل هذه الزراعة، خاصة وأن للمزارعين تجربة مريرة جاءت في المرحلة التي زرع ما يسمى بـ "الخوخ الأوروبي" بمساحات واسعة جداً، تلتها فترة كساد وفائض في المحصول، أجبرت  المزارعين على اقتلاع هذه الشجرة، حتى انك تكاد لا تجد اليوم بستاناً واحداً مزروعاً بالخوخ في الجولان.
ويتوقع بعض المزارعين بأن المساحات المزروعة حديثاً بأشجار الكرز تفوق بأضعاف المساحات الحالية، وأن السنوات القادمة ستدخل إلى السوق سنوياً الآلاف من الأطنان، مما سيجعل تصريفها أمراً مستحيلاً.

السيد نبيه أبو زيد - مدير براد المجدل

 

تجار يتسوقون الكرز في البراد

ما حدث هذا العام يجب أن يضع أمام المزارعين إشارات استفهام عديدة حول ما ينتظرهم مستقبلاً. إذ من المفروض أن يكون هذا الموسم جيداً وكان من المتوقع أن تكون الأسعار أعلى بكثير، وذلك لسببين:
- أولهما أن محصول الكرز لهذا العام قليل مقارنة مع أعوام سابقة، ذلك لأن ظروف المناخ لم تكن مواتية للزراعة بشكل عام.
- ثانيهما أن السنة هي "سنة شميطا" لدى اليهود وقسم كبير منهم لم يجمع محصوله تقيداً بما تمليه عليهم عقيدتهم الدينية، التي تفرض على المزارع أن يريح ارضه مرة كل ست سنوات فلا يجمع محصولها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: إذا كانت الأسعار متدنية في موسم كهذا، فماذا سيكون مستقبل المواسم المقبلة، حين يكون المحصول وفيراً، وحين ينزل المستوطنون اليهود محصولهم إلى السوق بكامله؟! وماذا سيكون مصير هذا الانتاج بعد أن تضاف إليه الآلاف من الأطنان من محصول مزارعي الجولان من المساحات المزروعة حديثاً؟!
يبدو أن هذه الأسئلة لا تشغل بال الكثيرين اليوم، وهو ما لا يبشر بالخير وينذر بكارثة ستحلّ بزراعة الكرز إذا لم يتم تداركها، إذا أمكن ذلك، لأن الحلول لا تبدو في الأفق ممكنة، حتى ولو بذلت في سبيل ذلك الجهود.

وبالرغم من الصورة السوداوية فإن هناك محاولات خجولة حاولت هذا العام وضع حلول يمكن اعتبارها جيدة ضمن الواقع المعقد. فـ "براد المجدل" بادر بمساعدة وبطلب من بعض المزارعين إلى فتح مركز تخزين مؤقت وتسويق للكرز، الأمر الذي حد قليلاً من هبوط السعر بل وساعد على تمديد أجل السوق ورفع الأسعار في مرحلة لاحقة.
وكنا قد التقينا مدير "براد المجدل" السيد نبيه أبو زيد في مكتبه وسألناه عن حيثيات المبادرة التي قام بها البراد وعن رأيه في الأسباب الكامنة وراء تدهور أسعار الكرز فحدثنا قائلاً:
السبب الرئيسي في تدني الأسعار هو التجار الصغار الذين يخربون السوق ويوهمون المزارعين بأنهم غير قادرين على تصريف الكميات المتواجدة في السوق. هذا الأمر يثير الهلع في قلوب المزارعين الذين يحاولون التخلص من محصولهم بأي ثمن خوفاً من أن يكسد ومن أن لا يتمكنوا من بيعه نهائياً. بدأ الموسم بشكل جيد وبيع الكيلو الواحد من الكرز بـ 15 شيكل ثم انخفض إلى 12 في وقت لاحق، لكنه سرعان ما هبط ووصل إلى 5 شيكل، وهذا لا يعيد تكاليف انتاجه.
عند ذلك أتى إلينا العديد من المزارعين طالبين المساعدة عن طريق فتح البراد لتخزين الكرز بصورة مؤقتة حفاظاً عليه من التلف. لأنه وكما تعرفون ثمرة الكرز حساسة ولا تتحمل التخزين لفترات طويلة ويجب تسويق الثمر مباشرة بعد قطفه. وبعد التشاور مع اللجنة والإدارة تم اتخاذ القرار بتشغيل غرفة تبريد في البراد وفتح الباب أمام المزارعين الراغبين لتخزين محصولهم على أن يقوم البراد بتسويقه في وقت لاحق. وهكذا تم وضع حد للتدهور في السعر. بعض المزارعين كانوا قد قدموا إلينا وقالوا أن التجار يرفضون شراء أي كمية، ولم تكن لديهم أدنى فكرة عما يفعلونه مع الكميات التي تم قطفها. والكرز لا ينتظر، حتى أنك لا تستطيع تركه على الشجر فهو يتلف بسرعة.

إدارة البراد تشاورت وبحثت عن حلول. فكما تعرفون البراد غير مجهز لحفظ الكرز، وإنما لحفظ التفاح. هناك تجهيزات تقنية يجب علينا اقتناءها والتزود بها، وهذا ما ننوي القيام به قبل الموسم القادم. عندها سوف نتمكن من حفظ الكرز لفترة أطول ثم تسويقه وكأنه قطف للتو عن الشجر.

ولكن السيد نبيه أبو زيد أضاف بأن ذلك لن يحل المشكلة إذا لم تكن هناك رغبة لدى المزارعين بالتفاهم فيما بينهم والتعاون لإيجاد حلول. فالسنوات القادمة تحمل لنا كميات إضافية من الكرز بعد زراعة مساحات كبيرة جديدة. وهذا للأسف نتيجة عدم التخطيط ومعرفة ما عليهم زرعه. فمن غير المعقول زراعة هذه المساحات والسوق غير قادرة على استيعاب هذه الكميات. النتيجة ستكون مأساوية.

وفي ختام حديثه توجه السيد نبيه أبو زيد إلى المزارعين طالباً التعاون مع البرادات بشكل عام، وتركيز البيع في نقاط محددة، يتم التنسيق فيما بينها على السعر الذي يلتزم به الجميع، وهكذا فقط يمكن حل الأزمة ووضع حد للتدهور في الأسعار في السنوات القادمة.

عقب على المادة

لا توجد تعقيبات حاليا